فذاكَ الأب الرائع المنصرف إلى تفكيك الخيمة ومساعدة أطفاله على ارتداء الألبسة الصوفية، كان يودّ أن يضاجع سكرتيرته، ولكنه خائف من ردّ فعل زوجته. وتلك الزوجة التي تتمنى أن تعمل وتحقق استقلالها، كانت خائفة من زوج متسلط. وأولئك الأطفال، أمِن الممكن أن يكونوا على هذه الدرجة من اللطف والتهذيب لولا خوفهم من العقاب؟ وتلك الفتاة التي تقرأ كتاباً، وحيدةً تحت مظلة، خائفة في أعماقها من احتمال بقائها عانساً. وخائف أيضاً ذلك الشاب الذي يرغم نفسه على تدريب مكثَّف تلبية لرغبة والديه. والنادل الذي يقدم الكوكتيلات الاستوائية لزبائن أثرياء، مبتسماً رغم خوفه من أن يُصرف. والفتاة الخائفة من انتقادات الجيران، ما يجعلها تعدُل عن حلمها بأن تغدو راقصة، فتتابع دراسة الحقوق. والعجوز الذي يقول أنه يشعر بالصحة والنشاط منذ توقف عن التدخين والشراب، في حين أن فزعه من الموت يصفر مثل الريح في أذنيه. والزوجان اللذان يقفزان في رذاذ الأمواج، إنَّ ضحكهما يُخفي خوفهما من أن يصبحا عجوزين عليلين لا جدوى منهما. والرجل ذو الجلد البرونزي الذي يروح ويجيء بقاربه الآلي بمحاذاة الشاطيء، مبتسماً ملوّحاً بذراعه، إنه خائق من فكرة أن توظيفاته في البورصة يمكن أن تنهار في أي لحظة. وصاحب الفندق الذي يراقب من مكتبه هذا المشهد الفردوسي، ويسهر على راحة زبائنه وسعادتهم، إنه مؤرق بالخوف من أن يكتشف محضّلو الضرائب التزوير في حساباته.
كل الموجودين على هذا الشاطيء الرائع، هم في نهاية هذا النهار، فريسة للخوف: خوف من العُزلة، من الظُلمة التي تملأ المخيلة بالشياطين، من يوم الحساب، من تعليقات الآخرين، من الحب والصدود، من طلب زيادة، من قبول دعوة، من الضرب في المجهول، من عدم النجاح في إتقان لغة أجنبية، من العجز عن التأثير في الآخرين، من الشيخوخة، من الموت، من أن تُرى العيوب ولا تُرى المزايا، ومن ألّا تُرى لا العيوب ولا المزايا
— باولو كويلو
#inspirational #life #inspirational